قراءة في عمل رقم 32
قراءة في عمل رقم 32
فَهِمَ آدمُ وحواءُ, أنّهُما ممْنوعانِ من الأكْلِ من هذه الشجرة. غيْرَ أنّ آدمَ إنسانٌ، والإنسانُ ينْسى، وقلبُهُ يتقلّب، وعزْمُهُ ضعيف..؟ ربّما تكون شجرةَ الخلْد حقاً، وكلّ إنسانٍ يحبُّ الخلود.
ومرّتِ الأيامُ وعنترةٌ وعبلتُهُ في كَنَفِ الشجرة لكنّه هذه المرّةَ هو الباديءُ والفاعلُ وكيفَ لا وهو عنترة -.
مدَّ يدَهُ إلى الشجرةِ وقطَفَ منها إحدى الثمارِ وقدّمَها لعبلة. حيثُ الْتقطَ شوبرُ مشهداً خرافياً لهما, وهُما يتقدّمانِ من الشجرةِ إلى المتلقي, على حصانيْن فطرِيَيْن, يحمِلُ عنترةُ على رُمْحِهِ الحيّةَ الحمراءَ التي كانتْ مصدرَ الغوايةِ, في تكوينٍ إنشائيٍّ صاعِد, يتحرَّكُ أبطالُ المشهدِ إلى مُقَدَّمِ اللوحةِ, التي أثّثَها شوبرُ بتنويعاتٍ ملْمَسِيّةٍ تنْسُجُ الفضاءات تنغيماً وتلويناً, لِيُعْلَنَ أنّ الشيءَ الوحيدَ الذي كان يُخَفِّفُ حزْنَ عنترة من وقوعِهِ في هذه الغوايةِ أنّه قد جاءَ مُنتصراً على التقاليدِ والأعراف. وقادر على أنْ يُخْضِعَها، ويسْتَبْدِلَها من ابنِ زبيبة إلى إبن الأطايِبِ، لقد أصبحَ اليوم حراً وأكلَ الإثنانِ من الشجرةِ المُحَرَّمَةِ. لم يحسّ عنترةُ بالألمِ والحزْنِ والخجلِ. ولم يكتشفْ أنّه عارٍ، وأنّ حبيبتَه عاريةٌ بل كان عليهِ أن يحمِي نفسَهُ بالملابِس والأسلحةِ, إكتشفَ أنّهُ وحبيبتَهُ يَحُثّانِ الْسَيْرَ إلى واجهةِ المشهدِ, حيثُ يُسَجِّلُ شوبرُ تلكَ اللحظاتِ برؤيةٍ متميزةٍ.
الأعمال الفنية